موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تجاهلتها أبوظبي.. وثائق تؤكد فساد الشركة المكلفة ببناء المفاعل الإماراتي

174

على الرغم من ظهور وثائق تظهر فساد تحالف شركة “كيبو” الكورية الجنوبية المكلفة ببناء المفاعل الإماراتي، إلا أن أبو ظبي استكملت تعاقدها مع الشركة، رافضة الانصياع للمخاوف العالمية المتعلقة بمدى سلامة مفاعل “براكة” النووي.

قصة التعاون الإماراتي بدأت بعد ثلاثة أيام من وقوع كارثة تسونامي التي ضربت محطة فوكوشيما دايتشي للطاقة النووية في اليابان، وتحديدا في 14 مارس/ آذار 2011.

حينها كان رئيس كوريا الجنوبية “لي ميونغ باك” يحتفل مع ولي عهد الإمارات محمد بن زايد، بوضع حجر أساس أول مفاعل نووي في الإمارات، في مشروع وصف حينها بأنه “بداية صداقة عمرها 100 عام”.

هذا الاحتفال كان تتويجا لفوز اعتبره موقع “تكنولوجي ريفيو” في أبريل/ نيسان 2019 انتصارا “ِشخصيا” لباك، الذي استطاع بمكالمة هاتفية مع بن زايد في 2009 اقناعه باختيار ائتلاف تقوده الشركة الكورية للطاقة الكهربائية “كيبكو”.

الشركة الكورية للطاقة والمياه تعاقدت لإنشاء المفاعل الإماراتي “براكة”، الذي يتكون من 4 مفاعلات نووية، وتم إعلان تشغيل أول مفاعل منها في الأول من أغسطس/ آب الجاري.

تلك الواقعة، هي بداية سلسلة من المشكلات التي تحيط بالمفاعل “براكة”، بداية من سمعة الشركة المنفذة ومدى خبرتها، وصولا إلى سلامة التنفيذ وعيوب التصميم.

في تقرير “تكنولوجي ريفيو”، برزت قدرة باك على إقناع بن زايد باختيار الائتلاف الكوري الجنوبي، ومنحه حق تنفيذ المفاعل في صفقة قدرت بـ18.6 مليار دولار أمريكي، عوضا عن شركة فرنسية أكثر خبرة في إنشاء المفاعلات النووية.

وأشار الموقع إلى أنه في ذلك الوقت “بدأت الشائعات تدور حول أن الصفقة بين أبو ظبي وسيول رافقها عدد من المساومات، بينها تعهد باك سرا بتقديم دعم مسلح للإمارات في حال نشوب صراع عسكري”.

وفي هذا الشأن، أبرز “تكنولوجي ريفيو” بدء سيول في 2011 نشر قوات خاصة في الإمارات.

لم يمض على التعاقد الإماراتي ـ الكوري الجنوبي أكثر من 3 سنوات، حتى ظهرت وثائق تحذر من الفساد المستشري في شركة “كيبكو”، وعدم التزامها بمعايير السلامة والتوصيات العالمية في تصاميمها.

ورغم ذلك استكملت أبوظبي تعاقدها وافتتحت المفاعل الأول في “براكة” بمنطقة الظفرة، والذي يقع قرب الحدود الإماراتية السعودية، وأقرب للعاصمة القطرية الدوحة من العاصمة الإمارتية أبوظبي، حسب تقارير إعلامية عدة.

وفي 21 سبتمبر/ أيلول 2012، لفتت تقارير إلى وجود نشاط غير قانوني بين موردي قطع الغيار للشركة، واكتشف المدعون أن آلاف الأجزاء المقلدة وصلت إلى المفاعلات النووية التي تتولي إنشائها الشركة، وبينها المفاعل الإماراتي.

ورغم فتح تحقيق جنائي في هذا الشأن، إلا أن “كيبكو” أصرت على أن المفاعلات التي تتولى مسؤوليتها آمنة، ودعمت مزاعمها بوثائق أمان لم يتم إثبات سلامتها من مصادر مستقلة.

وعلاوة على ذلك، كشف بارك جون وون، مسؤول سابق في الشركة، أن كيبكو “لجأت للتخلي عن معظم سبل الأمان الإضافية المكلفة في الثمن ـ وفرضتها كارثة تشيرنوبل عام 1986 ـ لتجنب التكاليف الفلكية التي تحول دون التعاقد مع عملاء أجانب”، حسبما نقلت مجلة “فوربس” الأمريكية في يناير/ كانون الثاني الماضي.

وبعد خسارة شركته صفقة إنشاء “براكة” في الإمارات، وصف آن لوفرجون، الرئيس التنفيذي لشركة “أريفا” الفرنسية منافسته “كيبكو” بأنها “سيارة دون أي أحزمة أمان أو وسائد هوائية”.

وبحلول عام 2014، تصاعد التحقيق الداخلي في “كيبكو” ليتحول إلى تحقيق بعيد المدى في الكسب غير المشروع، والتواطؤ، وتزوير الضمان.

وبموجب التحقيقات حُكم على 68 شخصا، وأصدرت المحاكم 253 عاما من السجن التراكمي.

ومن بين الأطراف المذنبة كيم جونغ شين، رئيس الشركة الكورية للطاقة والمياه، وبارك يونغ جون المساعد المقرب للرئيس لي ميونغ باك، الذي حصل على رشوة من شين مقابل “معاملة تفضيلية” من الحكومة.

سلسلة مستمرة من الفضائح

وفي ديسمبر/ كانون الأول 2019، أثار بول دورفمان، مؤسس المجموعة النووية الاستشارية، في تقريره “طموح الخليج النووي: مفاعلات جديدة في الإمارات” عددا من المخاوف المتعلقة بالسلامة والأمن والبيئة في المفاعلات التي تبنيها الإمارات بالشراكة مع التحالف الكوري الجنوبي.

وكشف التقرير عن وجود تشققات في مباني الاحتواء لجميع المفاعلات الأربعة أثناء عملية البناء؛ ما يستلزم تعليق أعمال البناء أثناء إجراء الإصلاحات.

كما أشار إلى أن تصميم مفاعل “براكة” لا يحتوي على ميزات أمان مثل المفاعل الإضافي أو الماسك الأساسي “وكلاهما من سمات التصميمات المتوقعة عادة في جميع المفاعلات النووية الجديدة في أوروبا”، وهي أحد المعايير التي فرضت على واقع إنشاء المفاعلات بعد كارثة انفجار مفاعل تشيرنوبل النووي بأوكرانيا، في حقبة الاتحاد السوفييتي.

وحسب دورفمان، تساعد هذه الميزات في الحد من إطلاق الإشعاع في حالة وقوع حادث أو هجوم متعمد على المنشآت النووية.

ولفت إلى ضرورة هذه الميزات في مفاعل نووي في الإمارات، كونه “لا يستبعد شن جماعة الحوثيين في اليمن هجوما عليه، كما زعموا في الماضي بشن هجوما على موقع المفاعل، وتنفيذهم هجمات على منشآت نفط في السعودية العام الماضي”.

وتابع: “أي هجمة تنجح في استهدف مفاعل براكة، أو وقوع حادث في المحطة، سيكون لها تداعيات كبيرة على السكان المحليين”.