موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحليل/ الإمارات الملطخة أيديها بالدماء إذ تدعي “التسامح”

139

أعلنت دولة الإمارات عن عام 2019 بكونه “عام التسامح”، والتسامح قيمة عالية في الأديان والإنسانية ويبدو أن جهاز أمن الدولة أحرق المفهوم، أو أن هذا كان هدفه في الأساس لتنعدم آمال الإماراتيين بإمكانية التصالح مع ما اقترفه من سوء وانتهاكات بحقهم.

ففي الدولة أصبح مفهوم التسامح وجهاً لعملة شقها الثاني الانتهاكات تُقدم فيه الأجهزة الأمنية دعاية مستهلكة عن “التسامح” وفي الوجه الثاني صورة قاتمة عن وجه الإمارات المخيف فيما يتعلق بحقوق الإنسان.

فباسم التسامح تبرر السلطات مراقبة المساجد ومطاردة المدونين واستهداف عائلات المعتقلين، وبناء إمبراطورية تجسس واسعة. كما تبرر إصدار قوانين تنتهك أدمية الإنسان وتحجب عقله عن التفكير والتعبير، وتقدم الإرهاب كصيغة فضفاضة للنيل من المواطنين والمدونين.

لم تكن زيارة “البابا فرانسيس” دعماً للتسامح الذي تقدمه الدولة، بل رسالة أخرى متعلقة بدعم “القمع” و”سياسات جهاز أمن الدولة”، لم يُثر في حديثه أو صلواته أوجاع ناصر بن غيث عالم الاقتصاد الإماراتي المضرب عن الطعام منذ أسابيع. ولم يكلف نفسه عناء مناقشة وضع الناشط البارز أحمد منصور ولا فتح ملف المعتقلة علياء عبدالنور التي تعاني منذ سنوات في سجون جهاز أمن الدولة وهي تعاني من مرض “السرطان”.

لقد فشل “البابا” في بث الرسالة الأخلاقية عن التسامح في زيارته الأولى لشبه الجزيرة العربية، كما فشلت أبوظبي في احترام الإنسانية وحقوق مواطنيها.

ساهمت زيارة البابا في مساعدة جهاز أمن الدولة في إحراق مفهوم “التسامح” داخل الإمارات وأبقت على وجه الانتهاكات الذي يستهدف سكان الدولة كانوا مواطنين أو مقيمين.

ولا عيب في أن تطلق الإمارات، أو غيرها من البلدان، مثل هذه المبادرات الجميلة، ولا ضير في أن تتباهى بأنها الدولة الخليجية الأولى التي يزورها بابا الفاتيكان.

ولكن أن تأتي مثل هذه المبادرات من دولةٍ هي أبعد ما تكون عن التسامح والاعتدال فتلك هي المشكلة، فالأيادي الإماراتية ملطخة بالدماء، بدءاً من اليمن وحتى ليبيا مروراً بمصر وسورية. وهي التي تقدم الدعم السخي لبقية السلطويات العربية من أجل الإمعان في القمع والقهر والقتل. ناهيك عن سلوكها وجرائمها في الداخل الإماراتي.

لم نسمع أو نشاهد التسامح الإماراتي مع أطفال اليمن وشيوخه ونسائه الذين يتضوّرون جوعاً بسبب الحرب التي تشنها الإمارات بالتحالف مع السعودية هناك، تحت غطاء ما يسمّي التحالف العربي، وقد دفع آلاف الأطفال حياتهم ثمناً لهذه الحرب.

وهو ما ذكّرهم به بابا الفاتيكان، في تصريحاته وهو في الطريق إلى أبو ظبي لحضور المؤتمر، وناشدهم وقف الحرب على اليمن.

كذلك لم نسمع عن هذا التسامح، عندما تم اعتقال طالب الدكتوراه البريطاني، ماثيو هيدجز، وتعذيبه، أكثر من ستة أشهر في أبو ظبي، وتوجيه تهمة التخابر إليه، والحكم عليه بالسجن المؤبد قبل أن يتم العفو عنه بعد ضغوط بريطانية قوية. ولم يجر شيءٌ من التسامح مع الصحافي الأردني، تيسير النجار، والذي عوقب بالحبس ثلاث سنوات، بسبب “بوست” كتبه في “فيسبوك”، وانتهت “محكوميته” في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ولم يُفرج عنه، بذريعة عدم دفعه الغرامة المستحقة عليه (500 ألف درهم إماراتي).

تسقط أقنعة هذا التسامح الزائف يومياً مع كل خبرٍ نسمعه أو نقرأه عن الجرائم والانتهاكات الإماراتية المروّعة لحقوق الإنسان، والتي كان جديدها استئجار مرتزقةٍ في مجال الأمن المعلوماتي من أجل التجسّس على النشطاء السياسيين المعارضين، ليس فقط داخل الإمارات، وإنما أيضا خارجها، وذلك على نحو ما وثقّته وكالة رويترز للأنباء قبل أسبوع في تقرير لها حول البرامج الاستخباراتية التي تديرها وتشرف عليها الإمارات، وتستخدمها ضد خصومها المحليين والإقليميين.

تحوّل التسامح، إذاً، على أيدي الإمارات من قيمة وغاية إنسانية عليا، إلى مجرّد لعبةٍ سياسيةٍ يتم استخدامها جزءا من حملة علاقات عامة، هدفها تبييض وجه سياساتها القبيحة، وتحسين صورتها أمام الغرب الذي تسعى إلى إرضائه بشتى الطرق من أجل ضمان دعمه وتأييده في تحقيق مشروعها الإقليمي الساعي إلى النفوذ والهيمنة.