موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

في اليمن وليبيا والعراق وغيرهم.. الإمارات الداعم الرئيسي للانفصاليين

285

تقوم سياسات النظام الإماراتي على نشر الفوضى والتخريب ونهب مقدرات الدولة وكسب النفوذ مستغلا في ذلك الانفصاليين للانقلاب على الحكومة الشرعية وهو ما يحدث في كل الجبهات التي تتدخل فيها أبو ظبي عربيا وإقليميا.

شهدت الأيام الأخيرة إعلانين متزامنين تقريبا للتمرد والانقلاب على الحكومة الشرعية، كلاهما صدر من ميليشيات حليفة مع النظام الإماراتي في اليمن وليبيا.

إذ أعلن مجرم الحرب في ليبيا خليفة حفتر إسقاط الاتفاق السياسي واستيلائه على الحكم في وقت تتعرض فيه قواته لهزائم كبيرة في الغرب الليبي ما يعني أنه يتجه لتقسيم ليبيا إلى شرق يحكمه بديكتاتورية عسكرية، وغرب تقوده حكومة الوفاق، وخاصة أن قواته تضم بين ظهرانيها من هم أصحاب التوجهات الانفصالية والذين يطالبون بفيدرالية في إقليم برقة (شرق البلاد).

واللافت أن الإمارات لم تعترض على قرار حفتر إسقاط الاتفاق السياسي رغم أن أغلب دول العالم اعترضت على قراره، بما فيها أبرز الداعمين له مثل روسيا التي أعلنت عدم قبولها إعلانه، ومصر التي حتى لو لم تنتقد إعلانه فإنها أعلنت تمسكها بالحل السياسي، وهو ما يعني رفضها إلغاء الاتفاق السياسي، إضافة إلى ما أفادت به تقارير بأن المخابرات المصرية منعت أعضاء ببرلمان طبرق من القيام بمهمة تنصيب حفتر كما كان يريد، ما اضطره لتنصيب نفسه بعد مظاهرات هزيلة مؤيدة له في بنغازي.

ولكن اللافت أكثر في هذه الخطوة، التي يصفها أنصار حكومة الوفاق بأنها انقلاب تدعمه الإمارات، أنها تزامنت مع إعلان مماثل في اليمن، عن إدارة ذاتية بالجنوب، خلافاً لاتفاقات سياسية سابقة.

وهو الإعلان الذي صدر عن المجلس الانتقالي الجنوبي الموالي للإمارات، ويعتقد أنه تم بإيعاز إماراتي، ورفضته السعودية الحليفة الكبرى لأبوظبي. إذ يبدو أن الإمارات قررت أن تشهر أوراقها الانفصالية في العالم العربي دون أن تعبأ بحلفائها مثل مصر والسعودية.

وإذا كان الأمريكيون يصفون الإمارات بإسبرطة الخاصة بهم تشبهاً بدولة إسبرطة الإغريقية ذات النظام العسكري المغلق والصارم، فإن أبوظبي تحاول تقليد أثينا منافسة إسبرطة ليس في ديمقراطيتها ولكن في نفوذها البحري.

فالمسؤولون الإماراتيون يعتبرون أن دورهم التاريخي هو بناء إمبراطورية بحرية تكون أبوظبي مركزها السياسي، ودبي مركزها اللوجيستي، وهم يسعون للسيطرة على الموانئ في مناطق الأزمات بالعالم العربي والقرن الإفريقي.

إذ تريد الإمارات توسيع نفوذها الإقليمي على خطوط إمدادات الطاقة عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب، والسيطرة على ميناء عدن الاستراتيجي.

ولكن في كثير من هذه المناطق التي تتوسع فيها إمبراطوريتهم يجد الإماراتيون أن الانفصاليين الذين يرفعون شعارات الفيدرالية والحكم الذاتي.

في اليمن، الإمارات تتحالف مع الانفصاليين وطعنت حليفتها الكبرى السعودية، إذ وجدت أبو ظبي فرصة سانحة في التحالف الذي تقوده الرياض للعب دور أساسي منذ بداية العمليات العسكرية المشتركة في اليمن، مستفيدة من انشغال القيادة السعودية في ترتيبات بيت الحكم داخل العائلة المالكة.

وعملت أبوظبي بديناميكية على تعزيز حضورها في المشهد اليمني خلال خمس سنوات، وإعادة ضبط مسار الأحداث في ضوء أجندتها المرسومة في البلاد.

وأرادت الإمارات منذ البداية أن يكون لها وكلاؤها الخاصون في اليمن بعيداً عن السعودية والحكومة الشرعية.

وكان أبرز هؤلاء هم الانفصاليون في اليمن الجنوبي، الذي كان دولة مستقلة قبل أن يتوحد في التسعينيات.

ومع إعلانها الانسحاب من اليمن، وهو إعادة انتشار أكثر من كونه انسحاباً حقيقياً، أصبح حجم القوات الموالية للإمارات في اليمن يقدر بنحو 200 ألف جندي، نسبة كبيرة منهم من الانفصاليين.

وجاء تحالف الإمارات مع الانفصاليين في ظل استهدافها لحزب الإصلاح اليمني، القريب من الإخوان المسلمين، رغم أن الحزب يمثل القوة الضاربة الرئيسية المؤيدة للتحالف العربي والحكومة الشرعية في مواجهة الحوثيين، كما أنه قوة سياسية عابرة للمناطقية، ما يجعله يحافظ على وحدة اليمن ويساعد على إضعاف النفوذ الحوثي والإيراني.

ولم تتوقف هذه القوى الانفصالية عن الاشتباك مع قوات الحكومة الشرعية، وإلهائها عن معركتها الأساسية مع الحوثيين.

والأخطر هو محاولة السيطرة الإماراتية على جزيرة سقطرى الاستراتيجية اليمنية.

والنتيجة أن اليمن أصبح جراء هذه السياسة أكثر تشرذماً، ومقسماً بين سيطرة حوثية في الشمال وبين المجلس الانتقالي الجنوبي الذي أعلن الإدارة الذاتية في توقيت شديد الحساسية في الصراع مع الحوثيين، الأمر الذي خدم الأجندة الإيرانية في المنطقة.

 

وفي العراق، فإن الإمارات وإسرائيل فقط كانتا الدولتين الوحيدتين في العالم اللتين دعمتا انفصال كردستان عن العراق. الذي كان يريد الإقليم تحقيقه عبر استفتاء أجري عام 2017.

إذ قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو آنذاك، إنّ “إسرائيل تدعم الجهود المشروعة التي يبذلها الشعب الكردي من أجل الحصول على دولة خاصة به”.

ولم يكن التأييد الإسرائيلي أمراً مثيراً للاستغراب. ولكن الغريب هو أن تؤيد دولة عربية انفصال إقليم عن دولة عربية أخرى.

فقد صدرت تصريحات ومواقف عن مسؤولين إماراتيين تدعم انفصال كردستان عن العراق، من بينها رئيسة مركز الإمارات للسياسات ابتسام الكتبي، التي وقعت مذكرة تفاهم مع الإقليم مطلع العام الجاري للمساعدة في تنظيم عملية الاستفتاء.

وأكدت الكتبي في تصريحات لها آنذاك أنه إذا أعلن عن استقلال كردستان بشكل كامل عن بغداد، فإن أبوظبي ستعترف بهذا الاستقلال، وهو ما دعا قيادات سياسية عراقية لمهاجمة أبوظبي.

والأغرب أن القنصل الإماراتي، راشد محمد المنصوري، شوهد داخل مركز اقتراع خاص بالاستفتاء في مدينة أربيل، حسبما قال مسؤول عراقي لصحيفة العربي الجديد آنذاك.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2019، ذكرت مصادر عراقية لقناة “الميادين” أن 3 طائرات محملة بالأسلحة وصلت البلاد، عقب الزيارة التي قام بها رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني ورئيس الوزارء إلى الإمارات.

ولفتت المصادر إلى أن الأسلحة التي وصلت عبر الطائرات إلى إقليم كردستان العراق، والتي تنبئ بدخول إماراتي إلى الملف الكردي العراقي، من غير المعلوم إن كان إقليم كردستان العراق سيستخدمها أم “قسد”.

وتساءلت المصادر عن السبب الكامن وراء هذه الكمية من السلاح، وإن كان هذا السلاح للإقليم فلمَ يتم إرساله بدون علم بغداد؟ وأردفت قائلةً: هل تتم تهيئة الأوضاع لمرحلة من الصدام؟

في جمهورية أرض الصومال كيان انفصالي استغل الحرب الأهلية الصومالية بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق سياد بري لإعلان الاستقلال عام 1991، وهو استقلال لا يعترف به أحد على مستوى العالم.

ومع ذلك تقيم فيه الإمارات قاعدة عسكرية ولها فيها استثمارات كبيرة. وكانت الإمارات قد وقعت اتفاقية مع “أرض الصومال”، في فبراير/شباط 2017، بكلفة تبلغ نحو 442 مليون دولار، لبناء وتطوير ميناء بربرة، لمدة ثلاثين عاماً، ليصبح قاعدة عسكرية إماراتية.

وأثارت الاتفاقية موجة غضب سياسية من جانب الأحزاب المعارضة في “أرض الصومال”، وكذلك من قِبل الحكومة الفيدرالية في مقديشو، حيث اتهمت الإمارات بانتهاك سيادة الصومال عبر اتفاقية غير قانونية، ومؤخراً أعلنت حكومة أرض الصومال تحويل القاعدة إلى مطار متعدد الاستخدامات وسط تقارير إعلامية عن الخلافات مع الإمارات.

ورغم تحسن الأوضاع في الصومال، فإن الكيان يرفض العودة بالوطن الأم، ويعتقد أن ذلك يتم بتشجيع إماراتي.

وفي ليبيا، رغم المنحى الانفصالي لم يكن واضحاً في تأييد الإمارات لحفتر والذي كان دافعه الرئيسي العداء المشترك بينهما للإسلاميين والديمقراطية، إضافة إلى طموحات أبوظبي الإمبراطورية، فإن الانفصالية كامنة في مشروع حفتر حتى لو لم يكن هو يؤديها شخصياً، إذ إن كثيراً من أنصاره في الشرق من مؤيدي ما يعرف بفيدالية برقة.

والآن في ظل فشل الجنرال المتقاعد في اقتحام طرابس، وهزيمته في مدن الغرب الليبي، فإن إعلانه إسقاط الاتفاق السياسي سيفضي إلى إيجاد مكونات بديلة للمؤسسات الدستورية مثل البرلمان وحكومة الوفاق والمؤتمر الوطني المؤيد لها.

وبما أنه لن يستطيع واقعياً في ظل الظروف الحالية إسقاط حكومة الوفاق لأسباب عسكرية بعد هزائمه الأخيرة، ففعلياً سيفضي إعلان حفتر إلى إسقاط برلمان طبرق، والذي رغم أنه لم يكتمل نصابه أبداً، ورغم أن الدستور يمنع التئامه في غير العاصمة، فإنه يظل رمزاً للشرعية الليبية، باعتباره إضافة إلى المؤتمر الوطني، وهما الجسمان الوحيدان المنتخبان في ليبيا، واللذان يضمان نواباً من كافة أنحاء البلاد.

ويعني ذلك تكريساً للانقسام الليبي بدعم إماراتي وهو لا يمثل فكرة جديدة، ولكن أمامه عقبات كثيرة أبرزها أن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق يرفض التقسيم، بل إن أحد أبرز أعضائه من الشرق وهو محمد عماري (من مدينة بنغازي).

كما شكلت حكومة الوفاق غرفة عمليات لتحرير المنطقة الشرقية على رأسها ضباط من الشرق، أبرزهم: وزير الدفاع السابق مهدي البرغثي، من قبائل العواقير، وقائد الأركان السابق عبدالسلام جادالله العبيدي، من قبائل العبيدات.

وهناك تداخل بين انتشار بعض القبائل في الشرق والغرب، فقبيلة الورفلة لها امتداد في غرب وشرق البلاد، وكذلك قبيلة الفرجان التي ينحدر منها حفتر، أما قبيلة الزوية في الشرق فتعود أصولها إلى الغرب الليبي والأمثلة عديدة، لذلك فقبائل الشرق بالخصوص كانت أول من تصدى لمشروع فيدرالية برقة بعد ثورة 17 فبراير/شباط 2011.

بل إن حفتر نفسه لم يطرح رسمياً فكرة التقسيم، ولم يؤيد طموحات فيدرالي برقة في مجلس نواب طبرق، لكن إصراره على الوصول إلى الحكم بأسرع وقت، وتلاشي أحلامه في دخول طرابلس بعد تدخل تركيا لدعم صمود قوات الوفاق، دفعه نحو هذا الخيار الانتحاري.

إذ لا يبدو أن حفتر يمانع في تكريس الانقسام، لأن هدفه المباشر حالياً هو ضمان سلطته في الشرق الناقم على هزائمه، وعلى التكلفة المادية والبشرية للحرب التي بدأت بوعد منه لأنصاره بنصر سريع يدخل فيها طرابلس متوجاً بأكاليل الغار.

لماذا تميل الإمارات للتحالف مع الانفصاليين؟

هناك سمات مميزة لحلفاء الإمارات في كل مكان أنهم أعداء للإسلاميين المعتدلين، السنة تحديداً، (مثل الأسد والسيسي)، وأنهم لا يحبون الديمقراطية.

وفي كل مكان تبحث الإمارات عن هؤلاء أياً كان انتماؤهم، لأن المشروع الإماراتي بلا أيديولوجية محددة. وفي كثير من الأماكن تنطبق هذه المواصفات على الانفصاليين.

ويساعد على ذلك أن المشروع ليس له أيديولوجية ولا جذور إلا العداء للتيار الإسلامي المعتدل وتركيا وقطر، والربيع العربي والديمقراطية (حتى في الغرب تتحالف الإمارات مع اليمين وتعادي الليبراليين).

وبالتالي فإن تحالفات الإمارات عادة ما تكون براغماتية، وعلى استعداد لدعم قوى منبوذة حتى من مجتمعاتها، مثل القيادي الفتحاوي المنشق محمد دحلان.

ومع تغوّل الإمارات في هذا التوجه، فإنها لا تجد غضاضة في التحالف مع الانفصاليين، الذين عادة ما يكونون معادين للإسلاميين، (الإسلاميون لهم ميول ضد الانفصال بطبيعة أيديولوجيتهم ذات الجذور الأممية، مقابل هيمنة فكرة التشظي على الانفصاليين).

كما أنه مما يجعل الانفصاليين حلفاء مفضلين للإمارات أن بقية القوى على الأرض بتركيبتها ستتحالف مع دول أخرى، فالسلفيون لاسيما المدخليين يميلون للتحالف مع السعودية (وإن كانوا يميلون للتحالف مع الإمارات في حال غياب الرياض)، والإسلاميون المعتدلون يتحالفون مع تركيا وقطر.

لم يبق سوى فلول العسكريين والأنظمة السابقة (مثل حفتر، ونجل علي عبدالله صالح، ودحلان) والانفصاليين الذين يتفقون مع أبوظبي في كراهية العدو المشترك، وهو الربيع العربي وأنصاره.