موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

فساد الإمارات.. عقد من الزمن على فشل مشروع ضخم في العين

460

مضى عقد من الزمن على فشل مشروع ضخم في منطقة العين في دبي ضمن الفساد المستشري في الإمارات وسط ظروف غامضة تحيط بأموال المواطنين.

ويدخل العام العاشر على إعلان شركة عنان للاستثمار (واحة الزاوية سابقاً)، تسليم أراضي مشروعها للمواطنين في منطقة الفقع، الواقعة على طريق العين دبي، وسط ظروف غامضة تحيط بمصير أموال المساهمين من المواطنين.

ويقع المشروع في منطقة الفقع بين دبي والعين، وتم تخصيصه للمواطنين، ويضم نحو 6100 قطعة أرض سكنية بحسب موقع (uae71) الالكتروني.

وقد تم بيع 4500 قطعة بينما أبقت الشركة لها 1600 قطعة، منها 610 قطع لأراضي مشروعي أرياف ونسايم، اللتين تطورهما الشركة، وتتراوح أراضي الفيلات بين 15 ألف متر مربع، و50 ألف متر مربع، بينما يصل سعر الأراضي بين 750 ألف درهم، و4 ملايين درهم، وتمتد أراضي مشروع واحة الزاوية على مساحة كبيرة، تبلغ 22.7 مليون متر مربع، بطول 9 كيلو مترات، وعرض يتراوح بين 2 إلى 3 كيلو مترات.

وكان من المتوقع أن تجتمع إدارة الشركة اليومين الماضية، لمناقشة التقرير المالي للنصف الأول من هذا العام، ومناقشة مشروع واحة الزاوية – عنان حالياً – الذي فشل كمشروع استثماري في منطقة الفقع.

لكنها لم تنجح في لمّ شمل أعضاء مجلس الإدارة للاجتماع الذي أعلن عنه سابقاً، لذا قررت الشركة تأجيله إلى يوم الجمعة المقبل 19 آب/أغسطس الجاري.

وذلك في مخالفة تسبب في منع الشركة من تداول أسهمها في البورصة، لأنها فشلت في اجتماعها في الوقت المحدد واللازم طبقا للأنظمة واللوائح.

تلك الأحداث دفعت المئات من المواطنين المساهمين إلى الخروج على منصات التواصل الاجتماعي لمطالبة القضاء بسرعة البت في إنجاز قضية المشروع مع الشركة، واستعادة أموالهم.

وعبر هاشتاق “واحة_الزاوية”، أبدى المئات من المواطنين المساهمين، استياءهم الشديد من تجاهل الجهات المعنية والقضائية للبت في القضية مع الشركة ومحاسبة مجلس إداراتها واستعادة أموالهم وحقوقهم المنهوبة.

وقال مواطنون إن “واحة الزاوية سلبتنا كل ما نملك من مال وأرض وأهلكتنا في الديون لقد تجاوزت عمر الأربعين ونحن وأطفالنا نعيش في بيت إجار”.

ويقول الكاتب الصحفي محمد حسين الحربي إن “السلوك والممارسات المستمرة لإدارة شركة واحة الزاوية مع المستثمرين المواطنين، نقلتهم من قائمة الخشية من دعاء المظلومين، إلى قائمة أخرى مختلفة الله أعلم بتصنيفها وألوانها.. قائمة ما لها لا دين ولا ضمير”.

وسبق أن قالت دراسة إن غياب الإصلاح السياسي يضاعف معدلات فساد النخبة التجارية في الإمارات التي توصف بأنها جينة غسيل الأموال وقصور تمويل الإرهاب.

وأبرز مركز الإمارات للدراسات والإعلام “إيماسك” أنه قبل 11 عاماً قَدم الشعب الإماراتي عريضة الإصلاح السياسي الخاصة بالمجلس الوطني الاتحادي (البرلمان)، ضمن جهود الشعب المستمرة منذ عقود في محاولة الإصلاح السياسي والاقتصادي داخل الدولة، معظم هذه العرائض جرى مناقشتها والأخذ بها.

وأشار إلى أنه سبق أن قُدمت عرائض إصلاح مماثلة متعلقة بالسياسة والاقتصاد لكنها لم تكن لتواجه هذه الهجمة الشرسة من جهاز أمن الدولة حيث جرى اعتقال وتعذيب ومحاكمة عشرات المواطنين وشددت اليّد الأمنية على كل مناحي الحياة في البلاد من قوانين ومراقبة وتجسس.

الاقتصاد يحتاج للاستقرار

يفترض أن استقرار السلطة يقوم على أساس من الفواعل الاقتصادية المؤثرة (النخب التجارية)، والفواعل السياسية العاملة (النخبة السياسية). ومصدر هذا الاستقرار يأتي ما يشبه التحالف بين هذه الفواعل.

والفواعل الاقتصادية هي الشخصيات المؤثرة والفاعلين من أصحاب رؤوس الأموال ورجال الأعمال والاقتصاد من مواطني الدولة.

والإشكالية هي حين يكون الفاعل الاقتصادي فاعلاً سياسياً، أو يصبح الفاعل السياسي فاعلاً اقتصادياً، حيث يسيطر هؤلاء على المناصب الحكومية لتصبح العلاقة التبادلية فيما بين المسؤولين تخدم مصالحهم الشخصية ومصالح مؤسساتهم التجارية، وهو أمرٌ مؤثر في الإصلاحات السياسية والاقتصادية، وعلى بنيّة الدولة الاتحادية ومستقبلها.

من هذا المنطلق تأتي أهمية وجود مجلس وطني اتحادي يعالج هذه الإشكاليات ويُخضع السلطة للمراقبة والمحاسبة وتُشّرع القوانين اللازمة لحماية الدولة من تغوّل الفساد كما تتغول أجهزة الأمن.

إن الحديث عن النخبة التجارية في الإمارات حساس للغاية، وينطوي على تفاعلات حساسة مجتمعياً وسياسياً وأمنياً، إذ اعتمدت الإمارات بعد الاتحاد على الخبرات التجارية لحكامها من أجل بناء الدولة الجديدة، وفي هذه الحالات اندمجت النخب التجارية داخل الهيكل السياسي للسلطة.

وأصبحت العائلات التجارية جزء من السلطة وتدعمها في مقابل الحصول على امتيازات تجارية من الدولة، مثل التعاقدات الحكومية على المشروعات المختلفة.

لكن الخوض في هذا الأمر أصبح مهماً للغاية لأجل مستقبل الدولة ومشروعية القرارات والسياسات الوطنية، فالعالم يتعامل مع الدول ببنيتها ونُظمها الأساسية، ومع توجهات الأمم نحو الاستثمار لأن مشاركة الشعب في القرارات يعطي استقراراً واستدامة لهذه المشروعات.

وتُقدم التجارب مثل انهيار الاتحاد السوفيتي1990، والحرب العراقية الإيرانية(1980-1988)، واحتلال صدام حسين للكويت1990، وأحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001م، والغزو الأمريكي للعراق 2003، والربيع العربي 2011، وتفشي كورونا “كوفيد-19” (2019-2021)، وحالياً الغزو الروسي لأوكرانيا 2022م، ضرورة للإصلاح الشامل.

وفيما تمكنت السلطات الإماراتية خلال تلك الفترة من المؤامة بين التطورات الخارجية والحاجة الداخلية إلا أنها كانت تؤكد باستمرار أن هناك ضرورة لإصلاح سياسي في خضم المعالجات الاقتصادية، وأن سبب معظم تلك المعالجات يأتي بسب الفشل في تقديم إصلاحات شاملة قادرة على التكيف مع المعطيات الجديدة.

وخلال العقد الماضي ظهرت كثير من التطورات الداخلية التي تفرض ذلك من خلال فرض الرسوم والتعريفات والضرائب على المواطنين والمقيمين.

ومع نهاية العام الماضي (2021) أبلغت الحكومة الاتحادية بعض من أكبر العائلات التجارية في الدولة أنها تعتزم إزالة احتكارها على بيع السلع المستوردة ضمن خطة إصلاحات اقتصادية لجذب المزيد من الاستثمار.

كان هذا القرار صائباً بالفعل ويأتي استجابة للضغوط الدولية -وليس المحلية- بشأن هذا الاحتكار العائلات والذي سيؤدي إلى استفادة المستهلك إذا انتقل النموذج من وكيل حصري إلى أكثر من موزع.

ما يكشف حجم الضرر الذي يسببه تحالف السلطة والشركات على المواطنين والمقيمين في البلاد، والذي كان من المفترض أن تم معالجته في العقدين الأولين من تأسيس الاتحاد.

تبيّن التصريحات من مسؤولي الشركات العائلية في وسائل الإعلام الدولية أن ذلك سيؤثر على علاقتهم بالسلطة، رغم اقتناعهم بحاجة الدولة إلى مثل هذه القوانين. وهذه الأزمات بين الفواعل الاقتصادية والسلطة يمكن أن تؤدي إلى ركود، ولا حلّ في ذلك إلا مجلس وطني كامل الصلاحيات توكل إليه هذه المهام ويحاسب الجميع من أجل الدولة والمجتمع.

فالاقتصاد يحتاج إلى استقرار السلطة التي تحتاج إلى مراقبة الشعب ومحاسبته.

توفر رؤية الدولة لنصف القرن القادم -حسب ما تفيد به وسائل الإعلام والتصريحات الرسمية فلم توجد رؤية مكتوبة واضحة حتى اليوم– حديثاً حول التنمية الاقتصادية في الخمسين عاماً القادمة، وتجاهل كل هؤلاء التنمية السياسية، وهما صنوان لا يمضيان إلا معاً وبغياب أحدهما تتأثر الأخرى، ولا تنمية سياسية بدون مشاركة الأمة في صناعة القرار والتأثير فيه كما تتأثر منه.

الإصلاحات والتنمية

تمر الإمارات بأزمات في الاقتصاد مع المنافسة المحتدمة مع الجوار، وتراجع قطاع الأعمال والعقارات، والتهديدات بهجمات إرهابية.

وهي مؤلمة ومؤثرة خاصة في ظل التراجع بسبب أزمة فيروس كورونا كوفيد-19 العامين الماضيين. وتوقعات بالأزمة المرتقبة بفعل الهجوم الروسي على أوكرانيا.

هذه الأزمات تأتي في ظل الانفاق الضخم لأبوظبي في تدخلاتها الخارجية تصل لعشرات المليارات من الدولارات سنوياً، إما ببناء قواعد عسكرية وإرسال جنود الدولة البواسل للقتال خارج الحدود، أو بدعم وتمويل ميليشيات في ليبيا واليمن على سبيل المثال.

وحتى قبل فيروس كورونا فإن المواطنين الإماراتيون يعانون حيث فرضت السلطات عليهم “الضرائب” و”الرسوم الحكومية” بما في ذلك ضريبة القيمة المضافة.

في وقت تتزايد معدلات البطالة في الدولة على الرغم من الوعود الحكومية بتوظيف المواطنين في القطاع الخاص، لكن معارض التوظيف التي أُقيمت خلال السنوات الـ11 الماضية أثبتت أنها محاولة للتغطية على حجم توسع مشكلة البطالة. وهذه مشكلات تؤثر بالفعل على التنمية الاقتصادية في البلاد.

إن الشروط اللازمة لتحقيق عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية بنجاح هي: الشفافية والمساءلة والحكم الرشيد، بالإضافة إلى شروط أخرى مثل: فعالية الحكومة وتمتعها بالكفاءة والخبرة الإدارية اللازمة، وأهمية هذه الشروط هي تحصين المجتمع من آفة الفساد، وما يقترن به من مظاهر الفوضى والتسيب واللامبالاة، وانعدام الحس بالمسؤولية.

وتبيّن من خلال التجربة طوال 11 عاماً والعقود السابقة منذ تأسيس الإمارات، وتجارب الدول أن هذه الشروط اللازمة لتحقيق عملية التنمية الاقتصادية تحتاج إلى مجلس وطني اتحادي كامل الصلاحيات يراقب تنفيذها، ويشّرع القوانين من أجل حماية تنفيذها من عبث العابثين واستغلال الفاسدين.

وهو ما يجبر المسؤولين الذين يترأسون هيئات الإدارة على مستوى السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية أن يخضعوا للرقابة الوقائية واللاحقة، لتندفع عجلة التنمية للأمام وتنكمش حالات الفساد وهدر الموارد.

سلوك جهاز الأمن

خلال الـ11 عاماً الماضية كانت القرارات والقوانين الصادرة ترتهن لمستشارين غير موثوق بهم، وجهاز أمن مخابرات “يتحكم فعلاً بكل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية” والسلطة الرابعة المتمثلة بالإعلام التي اُستخدمت فيها الآلة الدعاية للانتقاص من الإصلاحات، وتزييف معاني التنمية وشروطها.

ليس ذلك فحسب بل إن السلطات الأمنية تتحكم حتى بالمؤسسات العامة والخاصة فلا يمكن التوظيف إلا بموافقة من جهاز أمن الدولة.

كما يخضع الموظفون المواطنون للموافقة الأمنية في الترقيات والتوظيف في القطاع العام، فالكفاءة ليست معياراً للوظيفة بل امتداح النظام الأمني والقرب منه.

ولذلك نلاحظ تزايد نسبة توظيف الأجانب بدلاً عن الإماراتيين لأن الأخيرين قادرون على الانتقاد والرفض والتمنع فيما الموظف الأجنبي سيتم طرده إذا وجدت شبه لاحتمال عدم التنفيذ المباشر.

في القطاع الخاص للموظفين الأجانب يتم تجديد الزيارة والإقامة معاً وبعض هؤلاء يتعرض للطرد من وظيفته (الخاصة) لأسباب تتعلق بالتزامه الإسلامي أو بشكوك حول ارتباطه بمفاهيم سياسية؛ فأي تنمية يمكن أن تتوقعها من وضع كهذا. إذ تؤثر القرارات السياسية تؤثر بالفعل في التنمية الوطنية.

يشير المسؤولون في الشركات الخاصة إنه مع فرض ضرائب جديدة، والشركات العائلية الكبرى التي يُلغى احتكارها على بعض السلع، ورسوم الجمارك المرتفعة التي تفرضها السعودية للبضائع القادمة من الإمارات، يُجبر السلطات على عدم فرض الكثير من الشروط بما في ذلك نسبة محددة من توظيف المواطنين في المؤسسات الخاصة، ما يعني اعتمادهم على العمالة الأجنبية الرخيصة.

وهو ما يؤكد أن هذه الإصلاحات الاقتصادية لا تشجع الشركات والاستثمار، ويعتبرونها فرضاً من السلطات وليست ضرورة لمستقبل الدولة.

ويعود ذلك لأن السلطة لا تقوم بالتشاور مع المستثمرين ومع المواطنين الإماراتيين قبل اتخاذ مثل هذه القرارات والقوانين، وفيما يمكن التشاور مع الأول لا يكون التشاور مع المواطنين إلا عبر مجلس وطني كامل الصلاحيات، كحل وسط يحمي المستثمر ويحمي الدولة.

تقول السلطات إن التنمية تتحقق بالحفاظ على الرقابة من خلال المؤسسات الحكومة، وهو تهرّب فاضح من حقوق المواطنين في المراقبة والمحاسبة.

ولبيان ذلك يمكن أن نلاحظ عمل ديوان المحاسبة في الإمارات: ما الذي فعله، وما التقارير الذي قدمها، وكم صفقات فساد كبيرة على مستوى أعلى كشف حتى الآن؟ لا شيء لأن هذا المجلس تم تأسيسه بموجب رغبة السلطات لذر الرماد على العيون.

لكن سلطة الشعب القادمة من مجلس وطني كامل الصلاحيات الرقابية والتشريعية هي القادرة على المواجهة والتصدي لأنه يستمد مشروعيته من الشعب والنظام القائم الذي منحه هذا الامتياز. وفي حال تجاهل ذلك فإن العقوبة قاسية في الانتخابات اللاحقة لاستبداله.

إن وجود مجلس وطني كامل الصلاحيات منتخب من كل أفراد الشعب يعبر عن روح الأمة وعن قراراتها، يعني القدرة على فرض الفصل بين السلطات، والدفاع عن حريات المواطنين وحقهم في التعبير عن آرائهم بحرية، ويخفف لدرجة كبيرة للغاية سيف الرقابة والتجسس والقمع المسلط على رقاب الناس.

ويضمن احترام ممارسة المواطنين لحقوقهم المدنية والسياسية، وعلى رأسها حرية التعبير، وبذلك يتم تصويب السياسات التي تتسبب في هدر الموارد؛ وحصر ثروات المسئولين ومعرفة مصدرها من قبل الأجهزة الرقابية التي يُفترض أن تتحقق من صحتها أثناء وبعد تولي المسؤولية العامة.

وهذه الأجواء أو الشروط الضرورية لعملية التنمية هي النقيض تماما لأجواء الاستبداد ومن هنا يمكننا القول إن أجواء الاستبداد لا يمكنها إيجاد تنمية.

وإن الأجواء التي يمعن جهاز أمن الدولة في تكريسها لن تحقق التنمية المطلوبة فالمال العام أصبح ضحية للانقلابيين في الدول العربية ضمن سياسة خارجية للدولة تقوم على استشارات هؤلاء الفارين من بلدانهم.

إلى جانب ذلك فهذا النوع من الممارسات تؤكد أن هناك شبكة كبيرة من المصالح تربط جهاز الأمن بالفساد السياسي والاقتصادي في البلاد.

وبدون تحقيق الإصلاحات السياسية ستسقط الدولة في براثن فساد موحش، لتصبح دولة بلا قوة داخلية ما تهدد الاتحاد وتماسكه.

فالابتعاد عن مواجهة تحديات الداخل لخلق تحديات خارجية لعكسها داخلياً من أجل الهروب من الاستحقاقات الإنسانية والحقوقية والمواطنة المتساوية مدعاة للتساؤل حول مدة الهروب ومنطقية حدوث ذلك.