موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الإمارات تفرض فيتو على المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا

164

يواصل النظام الحاكم في دولة الإمارات تدخل العدواني في ليبيا وأحدث فصول ذلك تعطيل تعيين مبعوث للسلام من الأمم المتحدة في البلاد.

وكشفت تقارير متطابقة أن الإمارات رفضت مع حليفها مصر ترشيح الدبلوماسي الجزائري المخضرم رمطان لعمامرة للمنصب وتريد تعيين شخصية موالية لها.

ولا يزال منصب المبعوث الأممي شاغلا منذ استقالة الدبلوماسي اللبناني غسان سلامة من منصب رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الذي بدأ فيها مهامه، يونيو/حزيران 2017 وحتى شهر مارس/آذار 2020، بسبب مشاكل صحية.

وعقب استقالة سلامة برز اسم لعمامرة من قِبل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي تم اقتراحه بشكل رسمي. وهو الاسم الرسمي الوحيد الذي يتم تداوله في أروقة الأمم المتحدة بشكل رسمي.

في المقابل تسعى أبوظبي للدفع بشخصية تتوافق مع توجهها السياسي، وذلك سيراً على نهج غسان سلامة، الذي تقول مصادر مطلعة إن أبوظبي كانت تدعمه جنباً إلى جنب مع مصر والسعودية، حيث عُرف سلامة بمواقفه المتساهلة مع اللواء خليفة حفتر على حساب حكومة الوفاق الوطني في طرابلس.

وترفض أبوظبي والقاهرة تعيين لعمامرة باعتبار أنّه جزائري، في ظل حرب باردة بين مصر والجزائر حول الملف الليبي، حيث ترفض الجزائر دخول حفتر إلى طرابلس رفضاً قاطعاً، لأنها تعتبر دخول حفتر إلى طرابلس يعني تزايد التمدد والنفوذ المصري-الإماراتي في ليبيا.

ورغم أن أبوظبي تعارض مشاريع الإسلام السياسي بعد الربيع العربي، والجزائر تتخذ نفس الاتجاه، فإنها تختلف في حساباتها عن الإمارات. كما عارض فريق اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر حلف تعيين لعمامرة.

إذ اعتبر الناطق الرسمي باسم قوات حفتر أحمد المسماري، الذي عقد مؤتمراً صحفياً في القاهرة مؤخراً، أنّ اقتراح تعيين لعمامرة غير منطقي، وقال “نحن لا نقبل به وسيطاً للحوار، وطالب بأن يكون المندوب الأممي شخصية إفريقية، أو لا يكون من جيران ليبيا”.

وتحدثت مصادر ليبية رسمية أن لعمامرة سيواجه صعوبات في مسألة تعيينه بالمنصب الجديد، لأنّ اسمه مجرد اقتراح من قبل الأمين العام للأمم المتحدة.

وتشير تلك المصادر إلى أنّ المؤشرات تفيد بأنّ الروس والأمريكيين لن تكون لديهم مشكلة مع لعمامرة، لكنّ الموقف الروسي يمكن أن يتغير بتحريض مصري-إمارتي.

مصادر أمنية ليبية أخرى رفيعة، أشارت إلى أنّ رمطان لعمامرة سيلقى دعماً سياسياً من فرنسا، باعتبار أنّ النفوذ الفرنسي في شمال إفريقيا، وعلى رأسها الجزائر والمغرب، قوي جداً، إضافة إلى أنّ لعمامرة شخصية لها حيثيتها في أروقة الأمم المتحدة ولدى أمينها العام، إضافة إلى أنّ لعمامرة يعتبر من أقوى رجال حقبة بوتفليقة في الجزائر، وتولى مناصب عدة في هذه الحقبة.

وتسعى كل من أبوظبي والقاهرة إلى الترويج لشخصية جديدة يجري طرحها والتسويق لها في وسائل إعلام محسوبة على الإمارات، تتمثل ي وزير الداخلية الأردني الأسبق سمير حباشنة، الذي تريده أبوظبي بديلاً لرمطان لعمامرة.

قناة الغد المدعومة إمارتياً حاولت الترويج لشخصية سمير حباشنة، وصورت شخصيته على أنّه يحظى بالدعم الكبير في ليبيا، وبقبول وارتياح ليبيين، وتأييد ودعم من السياسيين والدبلوماسيين والمثقفين العرب، وهذا غير صحيح، فشخصية الحباشنة غير معروفة لدى الليبيين، ولا يعرفونه من قريب ولا من بعيد، حسبما قالت مصادر مطلعة لـ”عربي بوست”.

المصادر نفسها قالت إن الموقف الأردني يتناغم مع الموقف الإماراتي-المصري، وإنّ عمان تسعى هي الأخرى إلى تمرير حباشنة ليكون في منصب المبعوث الأممي إلى ليبيا خلفاً لغسان سلامة.

ويتم الترويج للحباشنة، المقرب من دوائر السلطة الأردنية، في وسائل الإعلام الممولة إماراتياً، على أنّه سيكون المبعوث الأممي في ليبيا وأنه شخصية لديها القدرة على حل النزاع الليبي ويمتلك رؤية لحل هذا النزاع، وباستطاعته أن يفكّ هذا الاشتباك بين أطراف الأزمة الليبية، وأنّه متخصص في حل النزاعات والصراعات، ويقود مجموعة عربية تعنى بهذا المجال، ويبحث عن التضامن العربي.

والحباشنة معروف أنه شخصية سياسية أردنية، خلفيته عروبية قومية بالدرجة الأولى، ومطّلع على كثير من الشؤون السياسية العربية، وتقلّد عديداً من المناصب السياسية في الأردن، أبرزها منصب وزير الداخلية في مرحلة كانت حرجة.

وهناك مشاورات تتم بين الدول الأعضاء داخل الأمم المتحدة وخاصة الخمس الكبار، لتحديد المبعوث الذي يمتلك القدرة والمهارة في عمله، ويلائم بين متطلبات الدول الأعضاء وماذا تريده من ليبيا ومعايير الأمم المتحدة.

فعلى سبيل المثال، كان غسان سلامة يدير الملف الليبي باعتباره مبعوثاً أممياً وفقاً لما تريده الأمم المتحدة وأيضاً وفقاً لما تريده الدول الأعضاء التي تمتلك حق الفيتو والمؤثرة في الملف الليبي، وعلى رأسها الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا.

من هذه الأسماء الدبلوماسية الأمريكية ستيفاني ويليامز والسوداني يعقوب الحلو والتونسي خميس الجهيناوي، وهي كلها شخصيات لم تُذكر بشكل رسمي.

وسبق أن انتقدت المصادر المطلعة على الشأن الليبي نهج المبعوث الأممي السابق غسان سلامة، الذي تولى مهمته بسبب انحيازه للإمارات ومصر وحفتر، رغم أن الأخير انتهك بشكل فاضح ترتيبات وقف إطلاق النار التي كانت ترمي للتحضير لعملية تسوية سلمية تشرف عليها الأمم المتحدة، بالتعاون مع الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي.

حتى إن حفتر بدأ هجومه على طرابلس، عندما كان الأمين العام للأمم المتحدة يزورها للإعداد لإطلاق عملية التسوية.

وضربت المصادر مثالاً بمواقف سلامة بتجاهله لوجود قاعدة الخادم الإماراتية في شرق ليبيا، التي سمح حفتر لأبوظبي بإنشائها وكانت تنطلق منها الطائرات والعتاد الإماراتي، وكان قائدها إماراتياً برتبة عميد، يُدعى أبو محمد.

وكان غسان سلامة يعرف بوجود هذه القاعدة، ووصله تقرير مفصل عن هذه القاعدة ومكان وجودها ومساحتها الجغرافية، وكم يوجد بها من أسلحة وعتاد، من أحد أعضاء المجلس الأعلى للدولة الليبي.

المصادر ذاتها اتهمت غسان سلامة بأنه لم يأبه إلى كثير من الخروقات والتدخلات الكبيرة في الأزمة الليبية، ومنها التدخلات الإماراتية والمصرية، كما أنّه لم يركز على قرارات مجلس الأمن التي تتعلق بحظر توريد السلاح إلى ليبيا خلال سنوات واصلت فيها أبو ظبي والقاهرة إرسال الأسلحة إلى ليبيا.

لكن عندما تحالفت حكومة الوفاق الوطني مع تركيا، ووقعت اتفاقية التعاون العسكري والأمني معها، أصبح في كل مؤتمر صحفي يتحدث عن أنّ هناك خرقاً لقرارات مجلس الأمن، يتعلق بخرق حظر السلاح، وهناك أطراف إقليمية تدعم أطراف النزاع بالسلاح، في إشارة منه إلى تركيا، لأنّه يعرف أنّها بدأت بإمداد حكومة الوفاق الوطني بالعتاد والسلاح كما كانت تفعل مصر والإمارات والأردن والسعودية وفرنسا مع حفتر، على مدار سنوات.

ومن هنا فإنّ العديد من الأطراف الليبية تتخوف من إعادة استنساخ شخصية جديدة مثل غسان سلامة، تتماهى وتخدم أطرافاً ودولاً مهمة مثل الإمارات ومصر والسعودية وفرنسا، الأمر الذي يجعل من سيناريو تمرير شخصية محسوبة على هذا المحور هو الأقرب والأكثر حضوراً، وهذا سيُدخل الملف الليبي في أزمات ومشكلات متلاحقة لن تنتهي.