بمقتل زعيم ميليشيا فاغنر الروسية يفجيني بريغوجين، افتقدت دولة الإمارات أحد أبرز مقاوليها لشركات المرتزقة بعد تعاون وثيق بين الجانبين في عدة جبهات.
وبادر مغردون إلى تعزية الإمارات في مصرع زعيم فاغنر الذي سبق أن تعاقدت معه أبوظبي للعبث في ليبيا وكانت قاب قوسين أو أدنى من التعاقد معه للعبث في إفريقيا وإسناد مرتزقة الجنجويد في السودان.
وأبرز المغردون أن مقتل زعيم فاغنر لا يعني توقف العبث الإماراتي وعلاقاته مع ميليشيات المرتزقة، لكنه بالتأكيد “رسم الحزن” على داعميه في أبوظبي.
وكان بريغوجين على متن طائرة تحطمت الأربعاء، بالقرب من موسكو، ولم ينج منها أحد، بعد شهرين من تنفيذه تمردا لم يكتمل ضد كبار ضباط الجيش.
وأدى تمرد مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة التي يرأسها بريغوجين يومي 23 و24 يونيو إلى إلقاء ظلال من الشك حول مصير شبكتها الواسعة التي تمارس أنشطة متنوعة من العمليات العسكرية والتجارية في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا.
انتشرت فاغنر في أوكرانيا بعد وقت قصير من بدء الغزو الروسي الشامل في فبراير 2022، وبحلول الصيف كانت المجموعة العسكرية الروسية الخاصة قد جندت آلاف السجناء للقتال في صفوفها على الخطوط الأمامية.
وبحلول ديسمبر، ومع اضطلاعها بدور رئيسي في معركة باخموت، قالت المخابرات الأميركية إن لدي المجموعة العسكرية 40 ألف سجين مجند يقاتلون في أوكرانيا.
ونسب قادة المجموعة الفضل لأنفسهم فيما تحقق من نجاح روسي في باخموت وانتقدوا الجيش الروسي النظامي وقيادة وزارة الدفاع الروسية مرددين مزاعم حول الفساد وعدم الكفاءة في خوض الحرب.
وصل يفجيني بريغوجين رئيس فاجنر إلى بيلاروس بموجب اتفاق تفاوض عليه رئيسها، ألكسندر لوكاشينكو. وقال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إن مقاتلي المجموعة سيعرض عليهم خيار الانتقال إلى هناك.
وتظهر صور أقمار صناعية لقاعدة عسكرية بالقرب من أسيبوفيتشي، إلى الجنوب الشرقي من مينسك، وهي المنطقة التي قالت تقارير صحفية روسية إن المجموعة ستتمركز فيها، بناء جديدا فيما يبدو مما يشير إلى تطوير سريع لمنشأة من أجل فاغنر.
لكن عمليا، منذ الإعلان عن اتفاق بيلاروس الذي ذكرت تقارير أنه يضمن أيضا سلامته الشخصية، تحرك بريغوجين بحرية داخل روسيا فيما يبدو.
سوريا: بدأت روسيا رسميا عملياتها العسكرية في سوريا عام 2015 دعما للرئيس، بشار الأسد. ونشرت قوتها الجوية انطلاقا من قاعدة حميميم الجوية واستخدمت متعاقدين من بينهم فاغنر في بعض العمليات البرية وفي أدوار أمنية، وقُتل مئات منهم في سوريا عام 2018.
وتولت المجموعة مهمة توفير الأمن لحقل الشاعر النفطي ويقول مسؤولون غربيون إن المجموعة تمتلك شركة إفرو بوليس التي تحصل على 25 بالمئة من أرباح عدد من الحقول النفطية السورية.
وجندت فاغنر مقاتلين سابقين في المعارضة السورية المسلحة في المناطق التي استعادها الأسد لاستخدامهم كمرتزقة في ليبيا منذ عام 2019. وأصبحت قاعدة حميميم الجوية مركزا مهما في العمليات اللوجستية لفاغنر كنقطة عبور للرحلات الجوية إلى روسيا وليبيا.
وقالت مصادر إنه عملياتها في سوريا نُقلت سريعا للدولة الروسية بعد تمرد يونيو مع نقل تعاقدات المقاتلين من الجماعة إلى وزارة الدفاع في موسكو.
أبو ظبي تمول فاغنر في ليبيا: دخلت فاغنر ليبيا عام 2019 لمساعدة القائد العسكري الليبي، خليفة حفتر، في شرق ليبيا في هجومه على طرابلس لطرد الحكومة المعترف بها دوليا.
وقالت وزارة الدفاع الأميركية عام 2020 إن الإمارات هي التي دفعت فيما يبدو لدعم فاغنر لحفتر. ساندت الإمارات موقف حفتر إلى جانب روسيا ومصر.
وقال مراقبون لعقوبات الأمم المتحدة في عام 2020 إن فاغنر نشرت نحو 1200 فرد في ليبيا وقالت القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا إن طائرات عسكرية روسية تقدم الإمدادات لمقاتلي فاغنر هناك.
وأدارت فاغنر أنظمة دفاع جوي وطائرات مقاتلة من قاعدة الجفرة الجوية جنوبي طرابلس، مع وصول بعض الطائرات الحربية من حميميم.
وبالإضافة إلى تجنيد سوريين، عملت فاغنر بمعاونة مقاتلين أجانب من السودان وتشاد وأماكن أخرى.
ورغم أن هجوم حفتر انتهى بالفشل بوقف إطلاق نار في عام 2020، لكن فاغنر لم تبرح ليبيا وظلت متواجدة في الجفرة وغيرها من القواعد الجوية في الجنوب والشرق التي يقول باحثون إنها تستخدمها كنقطة انطلاق إلى مواقع أخرى في أفريقيا.
وانتشرت أيضا لبعض الوقت حول حقول نفط كبرى ويقول باحثون إن لها مصالح تجارية في ليبيا تشمل إنتاج الطاقة وشبكات تهريب محلية.
وقبل شهرين فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على كيانات في دولة الإمارات وجمهورية إفريقيا الوسطى وروسيا لتورطها في تعاملات غير مشروعة بالذهب لتمويل مرتزقة مجموعة فاغنر.
وأبرز بيان أمريكي رسمي ارتاكب مرتزقة مجموعة فاغنر فظائع وأعمال إجرامية تهدد السلامة والحكم الرشيد والازدهار وحقوق الإنسان للدول، فضلاً عن استغلال مواردها الطبيعية.
وبحسب البيان شاركت الكيانات المستهدفة في الإمارات وجمهورية إفريقيا الوسطى وروسيا في تعاملات غير مشروعة بالذهب لتمويل مجموعة فاغنر لدعم وتوسيع قواتها المسلحة.
وقالت وزارة الخزانة الأميركية في بيان إنها فرضت عقوبات على أربع شركات مرتبطة بمجموعة فاغنر ورئيسها يفغيني بريغوجين.
وذكرت الوزارة أن تعاملات غير مشروعة بالذهب تمول مجموعة فاغنر وتساعدها على بقاء عناصرها وزيادة عددهم في أوكرانيا وبعض البلدان في أفريقيا.
وظهرت بشكل متتابع سلسلة حقائق تؤكد تمويل الإمارات مجموعة فاغنر في عدة مناطق أبرزها ليبيا وهو أمر أكد تقرير رسمي صدر عن المفتش العام بوزارة الدفاع الأمريكية لعمليات مكافحة الإرهاب في إفريقيا.
إذ نشرت مجلة foreignpolicy الأمريكية عام 2020 أن الإمارات تستخدم متعاقدين عسكريين روسيين خاصين للمساعدة في التعتيم على دورها في الصراع – وهي تهمة تنكرها أبو ظبي – لكن التقرير الأمريكي هو أول تقييم رسمي علني للترتيب.
وكان المسؤولون العسكريون صريحين بشكل متزايد في تقييماتهم لدور مجموعة فاغنر المزعزع للاستقرار في ليبيا، وسط مخاوف من أن الكرملين قد يستخدم الصراع لتأسيس موطئ قدم عسكري قبالة الشواطئ الجنوبية لأوروبا.